رامي السمان – الشريك التنفيذي - سمان وشركاه (BDO Jordan)
لقد ظلت النظرة إلى السندات طويلة الأجل (مثل سندات الخزينة الحكومية والأنواع الأخرى من استثمارات الدخل الثابت) على أنها خيارًا آمنا للاستثمار وخاصة السندات الحكومية وتم تصنيفها على أنها منخفضة المخاطر، إلا أنها حساسة للتغيرات في سعر الفائدة، حيث أن ارتفاع الأخيرة بشكل مفاجئ يؤدي إلى انخفاض الأسعار السوقية لهذه السندات (سعر السند السوقي مرتبط عكسياً بسعر الفائدة، أي أنه عندما ترتفع أسعار الفائدة، ينخفض سعر السند، والعكس صحيح).
وفي قراءة للتغيرات في سعر الفائدة نرى أنه تدرج في 2/1/2017 من 0.66% (أقل من 1%) إلى 1.42% في بداية 2018 ومن ثم إلى 2.4% في نهاية 2018 وانخفض إلى 1.58% في 2020 وحافظ على انخفاضه من نيسان 2020 الى 28/2/2022 لتبدأ ارتفاعات متتالية في أسعار الفائدة لتصل إلى 4.33% في بداية 2023 وإلى 4.57% في شباط 2023 (https://www.macrotrends.net/2015/fed-funds-rate-historical-chart) أي أن سعر الفائدة ارتفع من 1.58% أثناء فترة وباء كورونا (الكوفيد) إلى 4.57% في سنة 2023 وبنسبة مئوية بلغت 190%، وهذا يعني أن السندات ذات سعر الفائدة الثابت تتعرض لانخفاض في قيمتها قد يصل الآن لحد 50%. وهذا الانخفاض يجب أن ينعكس محاسبيًا على البيانات المالية بحيث يستنفذ الأرباح وسيصل، حسب حجم المحفظة، إلى أن يستنفذ أيضا رأس مال وحقوق المساهمين وزيادة ليصل إلى أموال المودعين، ويظهر أن هذه الحالة ستصيب العديد من البنوك وقد تنتشر كالوباء بين البنوك المتورطة في هذه السندات، لا سيما بأنه لا توجد تقارير أو بيانات حول حجم الخسائر القادمة على البنوك نتيجة تركّز استثمارات الودائع في السندات ذات سعر الفائدة الثابت وموقف كل بنك نتيجة رفع سعر الفائدة.
وفيما يتعلق ببنك كريديت سويس (Credit Swiss) فإن قيام الحكومة السويسرية بدعم البنك وتغطيته هو بمثابة انقاذ للقطاع المصرفي السويسري وزيادة للثقة به وصدًّا لانهيار الاقتصاد السويسري. وإذا جرت عملية المعالجة في الولايات المتحدة على نفس المنوال فإن ذلك سيؤدي إلى مزيد من طباعة الدولار وانخفاض القيمة والتضخم وهو أمر يحتاج إلى موازنة وخيارات قاسية تنطوي على جوانب الربح والخسارة معًا. ولا بد من التنويه هنا إلى أن القطاع المصرفي والاقتصاد الأمريكي في موقف صعب ربما يخرجا منه أو يذهب الدولار وغيره إلى الهاوية. ومن الجدير بالإشارة هنا إلى أن السندات ذات سعر الفائدة و/أو العائد المتغير هي الصفة الأساسية للصكوك الإسلامية.
ومن هنا يتوجب على الشركات وأصحاب رؤوس الأموال في العالم العربي بما فيها الأردن التنبه العاجل إلى حجم الودائع وتوزيعها ومعرفة مدى التركز للسندات للبنك الذي يضعون فيه ودائعهم لأن ذلك مؤشر على استمرار البنك أولًا. علاوة على ذلك، يتوجب على مكاتب التدقيق القائمة على البنوك سرعة الاستجابة والإبلاغ عن الحالات الخطرة التي قد يصل إليها أي بنك.
ومن ناحتيه، فإن على البنك المركزي في الأردن أن يصدر بيانا حول ذلك يضع فيه المودعين والجمهور على واقع وآثار ارتفاع سعر الفائدة الأمريكي على البنوك الأردنية وإعطاء تطمينات صادقة حول الوضع البنكي في الأردن. وعلى هذا البيان أن يتضمن أيضا معلومات كمية وأرقام تضع كل طرف في موضع مسؤوليته، ومن شأن هذا التحرك أن يفسح المجال للاستعداد المبكر من ناحية البنك المركزي والتصرف بشفافية لتقدير آليات مواجهة هذه الأزمة إن حدثت في الأردن. أما إبقاء المشكلة في المكاتب المغلقة وأسلوب "الكمكمة" فإن آثارها لن تكون إيجابية على أي طرف.
مثال توضيحي على كيفية تقييم السندات
لنأخذ سندا افتراضيا: تبلغ قيمته الاسمية 1000 دولار، وقسيمة خصم سنوية تبلغ 3 في المائة، وتاريخ استحقاق مدته 30 سنة. ماذا يعني ذلك كله؟
إنه يعني أن الشركة أو الدولة التي تدين بالسند ستدفع لحامل السند ثلاثة في المائة من القيمة الاسمية البالغة 1000 دولار (30 دولارًا) كل عام لمدة 30 عامًا، وعند هذه النقطة سيدفعون لحامل السند القيمة الاسمية الكاملة البالغة 1000 دولار.
من شأن هذا الأمر أن يؤدي إلى تدفقات نقدية، أي أنه سيكون لديك سلسلة مكونة من 30 تدفق نقدي – واحد كل عام تبلغ قيمته 30 دولارًا - ثم تدفق نقدي واحد، بعد 30 عامًا من الآن قيمته 1000 دولار.
وهنا، يمكنك تطبيق معادلة الخصم بالشكل التالي:
التدفق النقدي ÷ (1 + r) t
تمثل المعادلة أعلاه التدفق النقدي وعدد السنوات لكل منها (يرمز لها بــ"t" في المعادلة أعلاه). ستحتاج بعد ذلك إلى حساب "r"، وهو سعر الفائدة. أيهما يجب عليك استخدامه؟ يمكنك اليوم استخدام سعر الفائدة الحالي لسندات مماثلة لمدة 30 عامًا، ولغرض المثال التوضيحي أعلاه، أضف خمسة بالمائة.
الآن يمكنك تقييم التدفقات النقدية المختلفة. أولاً ، لديك مدفوعات القسيمة:
30 ÷ (1+.05)1 + 30 ÷ (1+.05)2... + 30 ÷ (1+.05)30
وبعد ذلك تحصل على دفعة القيمة الاسمية النهائية، في غضون 30 عامًا:
1,000 ÷ (1+.05)30
مجتمعة، يبلغ السعر الإجمالي 692.55 دولارًا. سيضمن هذا السعر أن يتلقى حامل السند عائدًا سنويًا بنسبة خمسة بالمائة على مدى عمر السند.
الآن بعد أن أصبح لديك السعر، يمكنك اللعب ببعض الافتراضات لترى كيف تتغير الأشياء. ماذا لو كان سعر الفائدة السائد في السوق أربعة بالمائة بدلاً من خمسة بالمائة؟ في هذه الحالة، سيكون سعر السند 827.08 دولارًا. وإذا كان سعر الفائدة ستة بالمائة بدلاً من خمسة بالمائة، فسيكون السعر 587.06 دولارًا.
شيء واحد يجب تذكره هنا وهو أن سعر السند مرتبط عكسياً بسعر الفائدة. أي أنه عندما ترتفع أسعار الفائدة، ينخفض سعر السند، والعكس صحيح.
عندما يكون سعر السند أقل من القيمة الاسمية، يكون السند مصنفا على أنه "يُتداول بخصم". بينما عندما يكون سعر السند أعلى من القيمة الاسمية، يصنف السند أنه "يُتداول بسعر مميز".
قد يكون هذا مهمًا إذا كنت لا ترغب في امتلاك السند فعليًا لمدة 30 عامًا. فإذا إذا كنت ترغب في الاحتفاظ بالسند لمدة خمس سنوات، فستتلقى 30 دولارًا سنويًا لمدة خمس سنوات، ومن ثم تحصل على سعر السند في ذلك الوقت، والذي سيعتمد على أسعار الفائدة الحالية. ولهذا السبب، في حين أن بعض السندات طويلة الأجل (مثل سندات الخزانة الحكومية) يمكن اعتبارها "خالية من المخاطر" طوال عمرها الافتراضي، فإنها غالبًا ما تتباين كثيرًا من حيث القيمة على أساس سنوي.
المثال مترجم من Harvard Business Review